هل السيارات الكهربائية أوفر حقًا؟ نظرة شاملة على التكلفة الخفية للمالك والدولة

السيارات
هل السيارات الكهربائية أوفر حقًا؟ نظرة شاملة على التكلفة الخفية للمالك والدولة

السيارات –  تتسابق الشركات العالمية والدول نحو تبني السيارات الكهربائية، ويُروَّج لها باعتبارها الخيار الاقتصادي والمستدام  للمستقبل. لكن خلف هذه الصورة البراقة، تبرز تساؤلات جادة: هل فعلاً توفر السيارات الكهربائية المال مقارنة بمثيلاتها التي تعمل بالبنزين؟ وما هو الثمن الحقيقي الذي يدفعه المالك، والدولة، والبيئة؟

التكلفة على المالك: توفير في مواضع… وتكاليف في أخرى

في الظاهر، تبدو السيارة الكهربائية خيارًا ذكيًا: لا حاجة لدفع مبالغ كبيرة على البنزين، ولا زيارة متكررة لورش الصيانة. فالمركبات الكهربائية لا تحتوي على محرك احتراق داخلي معقد، ولا تحتاج إلى تغيير الزيت أو فلاتر الوقود. لكن هذه المزايا يقابلها سعر شراء أعلى بكثير من السيارات التقليدية، يعود في معظمه إلى تكلفة البطارية، التي تُعد القلب النابض للسيارة.

البطارية الكهربائية، رغم كفاءتها، لها عمر افتراضي محدود يتراوح بين 8 إلى 12 سنة، ويبلغ سعر استبدالها في بعض الطرازات أكثر من 5 آلاف دولار. كما يحتاج المالك لتركيب شاحن منزلي، وتحمل تكاليف كهرباء إضافية قد تتفاوت حسب بلد الإقامة، خصوصًا في الدول ذات أسعار الكهرباء المرتفعة أو التي تعتمد على الوقود الأحفوري في توليد الطاقة.


من جهة أخرى، تشير دراسات استهلاك المستخدمين إلى أن الكفة قد تميل لصالح السيارات الكهربائية على المدى الطويل، شريطة ألا يتم استبدال البطارية خلال فترة الاستخدام، وأن تكون تكلفة الشحن منخفضة نسبيًا. التكلفة على الدولة: استثمار ثقيل ببعد بيئي التحول نحو السيارات الكهربائية لا يتوقف عند حدود المستهلك. فالدول التي تتبنى هذا الخيار تواجه تحديات جسيمة. أولها ضرورة تعزيز شبكة الكهرباء لتلبية الطلب المتزايد، إضافة إلى إنشاء محطات شحن عامة في المدن والطرق السريعة. كما يتطلب ذلك الاستثمار في مصادر طاقة نظيفة لتجنب الوقوع في مفارقة بيئية: تشغيل سيارات خضراء عبر كهرباء ناتجة عن الفحم أو الوقود الأحفوري.

من جهة أخرى، تعتمد البطاريات على معادن نادرة مثل الليثيوم والكوبالت، والتي يتم استخراجها في ظروف بيئية واجتماعية معقدة. كما أن عملية التخلص من البطاريات بعد انتهاء عمرها تطرح تحديًا بيئيًا جديدًا، يتطلب بنية تحتية متقدمة لإعادة التدوير والتخلص الآمن.

السيارة التقليدية: تكنولوجيا ناضجة لكن ملوثة

رغم أنها أكثر تلويثًا للهواء، إلا أن السيارة التي تعمل بالبنزين تظل أقل تكلفة عند الشراء، وتتمتع ببنية تحتية جاهزة بالكامل تشمل محطات الوقود وخدمات الصيانة. كما أن تقنيتها أصبحت مستقرة، ما يجعلها خيارًا مفهومًا ومدعومًا في كثير من الدول. لكن هذا لا يعني أنها خالية من التكاليف الخفية. دعم الوقود، وتكاليف الرعاية الصحية الناتجة عن التلوث، والاعتماد على واردات النفط، كلها أعباء اقتصادية يتحملها المجتمع والدولة.

خلاصة: أيهما الأفضل؟


القول إن السيارة الكهربائية أوفر بشكل مطلق هو تبسيط غير دقيق. فالعبرة ليست فقط في حساب تكلفة الوقود، بل في مجمل الدورة الاقتصادية من الشراء إلى الاستخدام والصيانة والتخلص. ما هو مؤكد، أن مستقبل التنقل سيكون كهربائيًا لا محالة، لكن الوصول إلى هذا المستقبل يتطلب حسابات دقيقة، ورؤية شاملة توازن بين مصلحة الفرد، وأمن الطاقة، وحماية البيئة.

اعداد: محمد إسماعيل

السيارات - سياسة الخصوصية - اتصل بنا